[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم

معالم الشمس[/align]

ما زال الليل مُشردا ً يحبو باحثا ً عن مكان ٍ لينام بعد وجد فرصة ذهبية تتكرر في سنته مره للولوج إلي أحد المطاعم الراقية دون أن يشعر به أحد, فوجد فضلات طعام وشراب في طاولة. إنقض عليها وإختباء تحت طاولة خالية. قام بوضع وجبته على الأرض. أحس بالنشوة والفرح فهذا الطعام قد يكفيه صعوبة البحث عن لقمة إفطار الغد. في الجوار كان يجلس شاب وفتاة يتبادلان الحديث. يبتسم الشاب تارة فتبادله الفتاة بالإبتسام ثم يعاودان الحديث فتبتسم الفتاة فيبادلها الشاب وهكذا منوال. مكنت زاوية رؤية المشرد من متابعة الحدث. سيتناول الليلة طعامه الشهي بينما يستمتع بمشاهدة مشهد عاطفي. سكن مصقوعا ً مشدوها ً يتابع المشهد ويلتهم الطعام. أشاحت الفتاه ببصرها إلي أسفل فكان أن رأت ذلك الأشعث الأغبر مُمزق الثياب جاحظا ً إليها بعينه الحمراء ووجهه الأسود. رسم عقلها فوراًً صورة تلك الأشباح في أفلام الرعب الأمريكي. صرخت بقوة فنظر إليها كل من في المطعم. قام شريكها ورفع الطاولة. لم يترك لنفسه مساحة للتفكير, صرخ لعمال المطعم وهو يحاول الإمساك بالمتشرد. حاصروه جميعا ً وبردة فعل غريزية دافعها البقاء أمسك بصحن الطعام ودفع بالشاب بعيدا ً ثم جرى خارج المكان وهو يسب ويلعن وظل يجرى حتى وصل بر الأمان بأحد الخيران. أكمل طعام ثم خرج وقد أصابه التعب للبحث في الشوارع عن مكان ينام فيه.
وجد أصدقاءه يتسامرون في زقاق مظلم, رحبوا به فروى لهم ما حدث ضحك البعض وسب ولعن البعض الأخر, إقتسموا ما بقي من طعام ثم تناوبوا في إستنشاق قطعة قماش معطونة بالبنزين والسلس .. تخدروا حتى ناموا.
أشرق الشمس فأيقظتهم ضوضاء الطريق. "يا فرد وصفوا لي حته كده قالو فيها عمك بدي الناس أكل" بادر أحدهم.
تحرك الجمع بإتجاه هيئة لإئواء المتشردين حديثة المنشأ. عندما وصلوا سألوا عن الطعام. حضر إليهم رجل كبير وقادهم للداخل وقال لهم بإختصار: "يا جماعة هنا عندنا حاجه, بنديكم أكل مقابل إنكم تقعدوا معانا هنا وتسمعوا كلامنا". أحضروا لهم الطعام ثم تركوهم.
"الوهم ديل انا بعرفهم كويس كان قعدنا معاهم هنا مافي طريقة تانيه نطلع نشوف جونا بره" لم يعودوا يستطيعون حياة الظل فقد تربوا في الشمس, وافقوا جميعا ً على الهروب بعد الأكل مباشرة ً سوى صديقنا المتشرد حيث أحس بأنه لا يريد الذهاب. "أنا ما ماشي", "على كيفك يا فردة بس تاني ما تجينا".
حضر الشيخ فوجد الشاب وحده فقاده إلي صاله ضخمة, وجد فيها العشرات غيره يعملون في الحداده والنجارة. "يا جماعة تعالوا كلكم قريب عشان عندكم أخو جديد", وأكمل "يا لينو تعال هنا" .. نظر إلي المشترد وقال: "لينو حيعلمك كل حاجه لازم تسمع كلامو .. لو ما سمعت كلامو حترجع الشارع المافيهو غير الشقاء" .. لم يفهم شيئا ً ولكن فهم أنهم يريدون مساعدته.
"أها إسمك منو" .. أجاب: "كبوش" .. "من الليلة إسمك كمال" .. "أمشي سلم على الناس دي كلها زول زول وأسالو من إسمو" ..
تتابعت الأحداث في حياة "كمال" .. نسي الماضي لكن معالم الشمس ما زالت في جبينه .. ينظر في الحاضر بأنه يريد أن يتعلم ويدرس ..
أما الغد فهو لن يحبو مرة أخرى بحثا ً عن مكان لينام بعد أن يطرد من المطاعم .. لم يعد متشردا ً

[align=center]لولا الأخيار لعاش ما عاش متشردا ً ..

أعطف على المتشردين في بلادك فكان يمكن أن تكون مكانهم ..[/align]

عزيزي مبارك ..

لك التحيه فقد استطعت ان توصف ما لم يستطع وصفه الأخرون ..

نتمنى ان نرى في سوداننا الحبيب وفي كل دول .. أمثال ذلك الشيخ الذى تكفل ووفر كل ما يحتاجه كبوش ..

حتى لايعود الى حياة الشوارع والدمار ..

عزيزي مبارك ..

أتمنى أن أتعرف عليك عن قرب .. فقد سررت كثيراً بكتابتك .. ولم أعد ان أنتظر أكثر من ذلك ..

أتمنى أن أتعرف عليك عن قرب